مرحباً بكم فى جمعية أصايل التعاونية الحرفية

النشأة والتأسيس

النشأة والتأسيس | حكاية بدأت من التراث وصنعت مستقبلًا

من عمق الأصالة السعودية، ومن قلب الحرف اليدوية التي شكّلت هوية المجتمع لعقود طويلة، ولدت فكرة “جمعية أصايل التعاونية النسائية الحرفية”؛ فكرة لم تكن مجرد مبادرة عابرة، بل حلمًا وطنيًا كبيرًا يسعى لإحياء التراث السعودي العريق، وتحويله من موروث ثقافي يُحكى في الكتب والذاكرة إلى صناعة حقيقية تُسهم في الاقتصاد الوطني وتبني مستقبلًا مشرقًا للحرفيين والحرفيات في المملكة.

تعود البدايات الأولى للجمعية إلى عام 1436هـ / 2015م في محافظة الدرعية – أحد أهم مراكز الإرث التاريخي والثقافي في المملكة – حيث تم تأسيس الجمعية تحت إشراف وزارة الشؤون الاجتماعية (برقم تسجيل 254) لتكون كيانًا تعاونيًا غير ربحي يجمع تحت مظلته الحرفيين والحرفيات والمهتمين بالصناعات اليدوية التقليدية والتراثية.
جاءت الفكرة استجابة لحاجة ملحّة في السوق المحلي، وكمحاولة جادة لإيجاد حلول مبتكرة للعقبات التي تواجه المرأة السعودية – خصوصًا غير القادرات على الاندماج في سوق العمل التقليدي – من خلال تمكينهن وتوفير فرص عمل لهن وتحسين موارد دخلهن، وتحويل مهاراتهن إلى مشاريع إنتاجية حقيقية تسهم في التنمية الوطنية.

منذ اللحظة الأولى للتأسيس، لم تقتصر “أصايل” على أن تكون مجرد جمعية تعاونية، بل تبنّت رؤية طموحة تتمثل في أن تكون منظومة مهنية متخصصة ورائدة في إحياء التراث والصناعات الحرفية اليدوية، تنطلق من الجذور وتواكب العصر، وتسعى إلى تحقيق التنمية والاستدامة في آنٍ واحد.
وقد وضعت الجمعية أهدافها الاستراتيجية بوضوح:

إحياء وتطوير الحرف المحلية وإعادة تقديمها بروح عصرية.

تأهيل وتمكين المرأة السعودية وتزويدها بالمهارات اللازمة للعمل في المجالات الحرفية المختلفة.

بناء شراكات محلية ودولية لنقل الخبرات وتوسيع فرص التسويق والتصدير.

إدخال التقنيات الحديثة في عمليات الإنتاج دون المساس بروح التراث.

رفع الوعي المجتمعي بأهمية الحرف التقليدية ودورها في دعم الاقتصاد الوطني.

وبينما كانت البداية في الورش الصغيرة والمشروعات المحلية، استطاعت “أصايل” في سنوات قليلة أن تتحوّل إلى بيت خبرة متكامل يضم نخبة من الحرفيين والحرفيات، ومركزًا رائدًا للتدريب والتعليم الحرفي، ومنصة تسويقية متقدمة لمنتجات الصناعة اليدوية السعودية في الداخل والخارج.
كل مشروع جديد نفذته الجمعية كان لبنة في بناء هذا الكيان، وكل مبادرة كانت خطوة نحو تحقيق الهدف الأكبر: أن تصبح الصناعات اليدوية السعودية علامة عالمية تعبّر عن أصالة المملكة وثقافتها الثرية.

لقد بدأت “أصايل” من التراث، لكنها لم تتوقف عنده. فمن صناعة الخياطة والتطريز التي تحفظ تفاصيل الأزياء التقليدية، إلى حياكة السدو الذي يحمل روح الصحراء، ومن تشكيل الفخار والسيراميك بأيدي مبدعين، إلى فنون الجلود والخرازة التي تمزج الأناقة بالعملية، ومن صناعة العطور والعود التي تعبّر عن الكرم السعودي، إلى فنون النحت والنجارة التي تحوّل المواد الخام إلى أعمال فنية راقية… كانت الجمعية حاضنة لكل هذه الحرف، تعلّمها، تطورها، وتسوق منتجاتها بأعلى معايير الجودة والإبداع.

ولأن “أصايل” آمنت بأن النجاح لا يتحقق إلا بالشراكة، فقد عملت منذ تأسيسها على بناء جسور تعاون مع مؤسسات حكومية وخاصة وجمعيات أهلية ومنظمات دولية، لخلق بيئة داعمة للحرفيين والحرفيات، وتوفير فرص تسويق وتصدير واسعة النطاق، وتنظيم المعارض والفعاليات التي تعرّف العالم على روعة الصناعات التقليدية السعودية.

إن قصة “أصايل” ليست مجرد تاريخ جمعية، بل قصة وطنٍ يؤمن بأن الماضي هو أساس المستقبل. هي حكاية بدأت بفكرة إحياء الحرف، وتحوّلت إلى مشروع وطني ضخم يعيد تعريف مفهوم التراث كقوة ناعمة وثروة اقتصادية واجتماعية.
واليوم، تواصل الجمعية رحلتها بثبات، مستلهمةً من رؤية المملكة 2030 أهدافها الكبرى، لتكون ركيزة أساسية في تمكين المرأة، ودعم الاقتصاد الإبداعي، وتعزيز مكانة المملكة عالميًا في مجال الصناعات الحرفية والتراثية.

باختصار، وُلدت “أصايل” من رحم التراث، لكنها اختارت أن تعيش في قلب المستقبل، لتكون جسرًا يصل بين الماضي والحاضر، ومنصة تُحوِّل الحرفة إلى فرصة، والموهبة إلى مشروع، والهوية إلى علامة سعودية عالمية.

الأعلىtop